تفاصيل المدونة

ثقافة الجودة اولاً

الجودة هي اسلوب حياة قبل أن تكون أسلوب عمل، وما العمل إلا جزء من ممارسة الحياة بأشكالها المختلفة، وحتى نستطيع الاستفادة من الجودة في حياتنا الشخصية والعملية يجب أن يتمتع المجتمع بثقافة الجودة أولا، فمن المفاهيم السائدة في المجتمع الاعتقاد بأن تطبيق نظم إدارة الجودة المختلفة بالمؤسسات والشركات هي السبيل الرئيسي لتطبيق الجودة في مجال الاعمال، لذا تسعى الكثير من المنظمات في دول العالم إلى تطبيق نظم ادارة الجودة من أجل الوصول بمنتجاتها وخدماتها إلى أعلى مستويات الكفاءة المأمولة بأقل تكلفة مادية ممكنة، ولكن في الواقع أن تبني مبادئ وفلسفة الجودة أهم بكثير من تطبيق المنظومة في حد ذاتها، حيث انها حجر الأساس فالجودة فكر قبل أن تكون نظام إداري وإن لم يتبني جميع العاملين بما فيهم من مدراء ورؤساء وأصحاب العمل مفهوم الجودة فلن يكون النظام فعال وسيكون التطبيق روتيني فقط لا غير أي حبر على ورق، وحين ذاك تتعالي الأصوات بعدم جدوى تطبيق نظم إدارة الجودة وطبعا يكمن السبب في عدم فهم فلسفة الجودة والاقتناع بها.
وعليه فأننا نري أهمية تعزيز مفاهيم الجودة ومبادئها لدي الأفراد والمؤسسات وتنمية روح الفريق والعمل الجماعي، ومحاولة إزالة العوائق بين الأقسام والإدارات وتعزيز وتنمية روح الاعتزاز بالعمل، والتأكيد على مبدأ الوقاية وليس الرقابة، وإرساء مفهوم السعي لتحقيق أهداف المؤسسة قبل الأهداف الشخصية كل ذلك قبل البدء في التخطيط لوضع نظام ادرة الجودة.
هذا ومن سابق خبراتنا في تقديم العديد من الاستشارات للتوافق مع نظم إدارة الجودة وجدنا صعوبة تحقيق اهداف الجودة بدون وجود أفراد لديهم كفاءات وقدرات تمكنهم من العمل على تحقيق متطلبات تلك المواصفات، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن جميع نظم إدارة الجودة تطلب من المؤسسة جمع وتحليل البيانات وأيضا وضع خطط التحسين وحساب مخاطر العمليات وقياس أدائها ، وغيرها من متطلبات تحتاج الي مهارات خاصة للعاملين، وللأسف نجد المؤسسات تركز على إنشاء نظام إدارة جودة وإعداد النماذج الخاصة به ووضع السياسات والأهداف للحصول على شهادات المطابقة دون التركيز على قدرة فريق العمل على الانجاز بكفاءة وفاعلية ومدي تأثير ذلك على نمو المؤسسة، بل والأكثر من هذا لم تهتم أي شركة طبقت النظام بقياس فاعلية النظام بعد تطبيقه وهذا أن دل فيدل على عدم وعي الشركة بأن تطبيق النظام يحسن الاداء ويحقق الأهداف، ولكنه فقط انه يؤدي الي شهادة الجودة.
لذا يجب على الشركات والمؤسسات الراغبة في الارتقاء والنمو عدم التركيز على الحصول على شهادات المطابقة وأن تبحث عن العائد الإيجابي من تطبيق النظام على العمل وأن تطالب الشركات الاستشارية بالتركيز على تغير فكر وثقافة العاملين وأن يكون الناتج المأمول هو مدي التحسين الذي طراء على المؤسسة بعد التوافق مع متطلبات النظام، فان لم يكن فلتعلم أنها خدعت نفسها وصرفت من الأموال دون أي طائل سوي ورقة مجرد ورقة تعلق على الحائط.
وإذا كنا حريصون فعلا على تحقيق رفاهية المجتمع والنهوض بالأمة وأن نلحق بمصاف الدول المتقدمة، فيجب علينا أن نصارح أنفسنا ونواجه المعوقات الحقيقية للتطبيق بقوة وأول خطوة تكون نشر ثقافة الجودة ومحاول تغيير عادات العمل السلبية وتعزيز مبدأ العمل عبادة تحقيقا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم "من عمل منكم عمل فليتقنه".
ومن هذا المنبر المحترم فأننا ندعو جميع الخبراء والمدربين والاستشاريين المتخصصين في مجال نظم إدارة الجودة ونظم الإدارة الدولية للتجمع تحت قيادة المعهد القومي للجودة كبيت الخبرة الرسمي للقيام بمبادرة قومية هدفها رفع وعي المجتمع وإرساء مفهوم " الجودة ليست اختيار، الجودة واجب وطني"