تفاصيل المدونة

التسويق الذاتي للمدرب

في المقالة السابقة، تطرقنا إلي الحديث عن مفهوم الماركة (البراند) للمدرب personal brand ، وكذلك للمؤسسات التدريبية، باعتبارها الخطوة الرئيسية نحو التميز وصناعة والاختلاف في عالم التدريب، فقد قمنا بتحديد ثلاث خطوات رئيسية لصناعة وتصميم البراند تبدأ بوضع جوهر البراند أي تحديد (الرؤية والرسالة) لكلاً من المدرب والمؤسسة التدريبية أو ما يعرف بفلسفة البراند، ثم تحديد الموقع التنافسي (الميزة التنافسية) Brand Position للبراند والتي سينافس عليها كلاً من المدرب بشكل شخصي أو المؤسسة التدريبية في مجال التدريب، وأخيراً: تصميم الهوية البصرية visual identity للبراند والتي تعبر عن جوهر البراند بصرياً، وهو موضوع هذه المقالة والتي تستهدف إلقاء الضوء علي أهمية تصميم هوية بصرية ناجحة للبراند أو الماركة كجزء هام ورئيسي في بنائها وتسويقها.

وفي مثال بسيط يوضح أهمية الهوية البصرية في صناعة البراند:
لا يمكننا تخيل منتج غذائي جيد يباع بدون تغليف آمن وملائم للحفاظ عليه حتي يصل إلي المستهلك، جذاب من حيث التصميم، الألوان، سهولة الاستخدام ، مصًنع من خامات جيدة وآمنة للحفاظ علي سلامة المنتج والمستهلك علي حد السواء، ويتضمن هذا التغليف أيضاً المعلومات الأساسية عن هذا المنتج: اسمه، العلامة التجارية الخاصة به، مكوناته، سعره، تاريخ انتاجه، وتاريخ انتهاء صلاحيته، وبلد المنشأ إلي غيره من المعلومات الهامة ذات الصلة.
فبدون تغليف لهذا المنتج سيكون من الصعوبة شراؤه من قبل المستهلكين لعدم توافر عنصر الثقة، وبالتالي فإن جودة التغليف بالشكل السابق ذكره ما هو إلا دليل علي جودة المنتج وصلاحيته للاستخدام، وبالتالي اكتسابه لثقة المستهلكين، وتكوين انطباعات ذهنية إيجابية عنه في أذاهنهم بناءاً علي خبرات وتجارب سابقة مع هذا المنتج.

إن حال عبوة التغليف مع المنتج، هو نفس حال الهوية البصرية مع الماركة (البراند)، فالهوية البصرية هي الغلاف البصري الخارجي والجذاب الذي يغلف جوهر البراند من قيم ومبادئ خاصة به وبالتالي فهو الجزء المرئي من البراند والذي سيظهر للجمهور المستهدف من المتدربين وشركات التدريب المنافسة في جميع مفردات تصميم المؤسسة بداية من مبني المؤسسة وتصميم الواجهات الخارجية، والديكورات الداخلية، وأزياء العاملين بالمؤسسة، علامات التوجيه والإرشاد الداخلية والخارجية، البانر، اللوحات الإعلانية الداخلية والخارجية، جميع أنواع المطبوعات والمراسلات، إضافة إلي مواد الدعاية والترويج المختلفة، والتغليف، الموقع الإلكتروني للمؤسسة..... إلي غيرها من العناصر المرئية الآخري والتي ستعبر بصرياً عن ثقافة المؤسسة التدريبية وفلسفتها التي تتبناها، وترسيخ صور ذهنية إيجابية عنها لدي المجهور المستهدف.

ويتطلب نجاح الهوية البصرية من خلال العناصر السابقة، توفر عنصر التشابه similarity في الألوان، الأشكال، الكتابات المستخدمة ، الوحدة unity بين جميع التصميمات البصرية للوسائل المرئية المختلفة، ثبات الإشارات البصرية المستخدمة، إضافة إلي قدرة العناصر السابقة عن نقل نفس المعني عن المؤسسة من خلالها، ومن ثم نجد أن التصميم الجرافيكي سيكون له دور هام في تصميم الهوية البصرية للبراند الخاص بالمؤسسات التدريبية.
لذلك يجب أن يكون هناك وعي لدي الطامحين لصناعة ماركات قوية لمؤسساتهم، بأن تصميم الهوية البصرية visual identity ليس بالأمر الهين الذي يمكن أن يقوم به غير المتخصصين في مجال التصميم الجرافيكي، بل يحتاج لمصممي جرافيك متخصصين واحترافيين في تصميم الهوية البصرية لكونها تخضع لمعايير وأسس علمية وفنية تحكمها.











شكل رقم (1) نماذج لتصميم الهوية البصرية توضح التشابة والوحدة في التصميم بين الوسائل البصرية المختلفة.

هذا وتتكون الهوية البصرية من مجموعة من العناصر البصرية التي يمكن من خلالها التحدث عن البراند (الماركة) وتسويقها:
1- العلامة التجارية trademark & : logo وهي أهمها علي الإطلاق أو ما يعرف بلوجو المؤسسة وهو الشكل البصري الذي يلخص رؤية ورسالة المؤسسة في شكل جرافيكي موجز يسهل تذكره والتعرف عليه ويتضمن مجموعة من الألوان يفضل أن لا تزيد عن ثلاث ألوان.
هذا ويعتبر نجاح تصميم العلامة التجارية واختيار ألوانها هي نقطة الانطلاق الحقيقية للمصمم نحو تصميم هوية بصرية ناجحة، حيث سيعتمد علي العناصر البصرية المكونة للعلامة التجارية وألوانها في تحقيق عنصر الوحدة والتشابه لجميع العناصر البصرية للمؤسسة فيما بعد.

2- اللون: تمثل المجموعة اللونية للعلامة التجارية أحد أهم عناصر نجاح تصميم الهوية البصرية والتي يجب اختيارها بعناية من قبل المصمم، حيث ستظهر هذه المجموعة اللونية في جميع العناصر البصرية للمؤسسة والسابق ذكرها.

3- شعار المؤسسة tagline أو ما يعرف بــــــــــ brand slogan : ويعبر عن جوهر وفلسفة المؤسسة، علي سبيل المثال: شعار موبينيل "دايما مع بعض" ، وشعار فودافون "القوة بين إيديك".

4- العناصر الكتابية (التيبوغرافيا) typeface : الكتابات وأنواع الخطوط المستخدمة في العلامة التجارية وكافة أنواع المطبوعات والإعلانات إلي غيرها من وسائل الدعاية والترويج والتي يجب الاستقرار عليها منذ بداية تصميم العلامة التجارية.

5- العناصر الجرافيكية وتحديد إسلوب أو طراز التصميم style : يقوم مصمم الهوية البصرية بتحديد العناصر البصرية الجرافيكية التي سيتم استخدامها فيما بعد وتحديد اسلوب التصميم الذي سيتم الاستقرار عليه وتثبيته واستخدامه فيما بعد علي كافة التطبيقات البصرية للمؤسسة والتي تم ذكرها سابقاً، خاصة المطبوعات بكافة أشكالها.







شكل رقم (2) نموذجين لتصميم الهوية البصرية لشركتين مختلفتين في النشاط يوضح الاختلاف في إسلوب Style التصميم.

هذا وتعتبر العناصر السابقة أهم عناصر صناعة الهوية البصرية للبراند والتي يجب علي الراغبين في صناعة وبناء ماركة قوية لمؤسساتهم الوعي بها وبدورها في التعبير عن الماركة الخاصة بهم، إلا أن العديد من مؤسسي شركات التدريب يقعوا في خطأ فادح عند الشروع في تصميم الهوية البصرية الخاصة بهم، وهو التعامل مع مصممي جرافيك غير متخصصين في تصميم الهويات البصرية، كذلك التعامل مع أكثر من مصمم لتصميم المواد الدعائية الخاصة بهم مما يتسبب في وجود اختلافات كثيرة في إسلوب التصاميم من مصمم لآخر، وهو ما يتنافي مع المبادئ الأساسية لتصميم الهوية البصرية والتي تتطلب تحقيق الوحدة ، والتشابه ، style الخاص بالتصميم، ويضر أيضاً بالصورة الذهنية للماركة في أذهان الجمهور المستهدف، وتشتيت انتباهم.

وبالتالي تكون النصيحة الهامة لهم في هذا الشأن هو:
1- التعامل مع مصمم جرافيكي متخصص في تصميم الهوية البصرية للشركات والمؤسسات عند البدء للمرة الأولي في تصميم الهوية البصرية لمؤسستك.

2- كذلك الحصول علي نسخة من "كتب أو دليل تصميم الهوية البصرية" من المصمم في حال الرغبة في التعامل مع مصمم آخر فيما بعد حفاظاً علي التصميم النموذجي للهوية البصرية من التغيير، حيث يتضمن هذا الكتيب دليل تفصيلي لأبعاد ومقاسات العلامة التجارية، والكتابات، والدرجات والأنظمة اللونية المستخدمة، والعناصر الجرافيكية الآخري، وإسلوب التصميم style ، وكذلك كيفية تطبيق العلامة التجارية علي الوسائل الإعلانية والترويجية المختلفة، إضافة إلي نبذة مختصرة عن المؤسسة وتوضيح رؤيتها ورسالتها وكذلك القيم والأهداف والمبادئ الخاصة بها.

وأخـيراً يمكننا إلقاء الضوء علي الملاحظات التالية:
1- في طريق صناعة وبناء الماركة والتي ستستغرق سنوات من الإعداد الجيد والممنهج للعديد من الاستراتيجيات التسويقية التي تستهدف ترسيخ صور وانطباعات ذهنية جيدة عنها لدي الجمهور المستهدف، ستكون الهوية البصرية هي المتحدث الرسمي عن هذه الجهود التسويقية والتعبير عنها من خلال الرموز والألوان والعناصر البصرية الآخري.
وبالتالي فهي جزء هام من هوية المؤسسة التدريبية، والتي ستضمن لها تمييز جرافيكي بصري عن غيرها في عالم التدريب، حيث تعتبر شكل من أشكال الاتصال البصري الذي يقوم بنقل المعاني والأفكار والمعلومات الخاصة بالبراند للمؤسسة التدريبية إلي المتلقي من خلال الرموز والألوان، والأشكال إلي غيرها من العناصر البصرية الآخري.

2- لا يمكن تصميم هوية بصرية ناجحة بدون وجود فلسفة واضحة للبراند (رؤية، رسالة، قيم، مبادئ) يتفهمها المصمم المحترف ليعبر عنها بصرياً.

3- وجود هوية بصرية ناجحة وفلسفة واضحة للبراند بدون منتجات وخدمات تدريبية جيدة لا تصنع من مؤسستك ماركة قوية.