تفاصيل المدونة

البنية التحتية الوطنية للجودة

زادت أهمية المواصفات القياسية والمفاهيم المرتبطة بها خلال العقود الماضية وباتت خاضعة للمزيد من الفحوصات العلمية والتعريفات، وفي الوقت نفسه تغّير عالم الأعمال ومجتمع الأعمال بسرعة. ونتيجةً للتجارة العالمية، يتمّ إنتاج العديد من المنتجات المتوفّرة اليوم بواسطة مكونات صُنعت حول العالم وعلى هذه المكونات أن تتوافق مع بعضها وأن تعمل حسب ما هو متوقع. ونظرا لإزدياد قِصر دورة حياة المنتجات؛ وإزداد سرعة إيقاع التطور التكنولوجي؛ ومطالبة المستهلكون بمستويات أعلى من الأمان والأداء والموثوقية والاستدامة. يجب تيسير كل ذلك بواسطة شبكة فعالة وكفؤة من مقدمي الخدمات تُعرف بالبنية التحتية للجودة (Quality Infrastructure).
وتعرف البنية التحتية الوطنية للجودة بأنها:" إجمالي الإطار المؤسسي العام أو الخاص المطلوب لإنشاء وتطبيق: التقييس؛ والمترولوجيا (العلمية والصناعية والقانونية)؛ والاعتماد؛ وخدمات تقييم المطابقة (التفتيش، والاختبار، ومنح الشهادات للنظم والمنتجات) اللازمة لتقديم دليل مقبول (acceptable evidence) على أن المنتجات والخدمات تلبي متطلبات محددة، سواء فُرضت هذه المتطلبات من جانب السلطات أو من جانب السوق". لذا فإن البنية التحتية الوطنية للجودة تتكون من المكونات (الركائز) الرئيسية الخمس (The five technical components of a National Quality Infrastructure) التالية: المواصفات القياسية (Standardization)؛ والمترولوجيا (Metrology)؛ والاختبار (Testing)؛ ومنح الشهادات (Certification)؛ والاعتماد (Accreditation). هذه المكونات وثيقة الصلة ببعضها ويعتمد كل منها على الآخر.
أسباب الحاجة إلى بنية تحتية وطنية للجودة؟:
1. تساعد في التغلب على تحديات التجارة الحرة والعولمة: البنية التحتية للجودة ضرورية من أجل إزالة العوائق الفنية أمام التجارة عن طريق تنسيق متطلبات الإستيراد ومتطلبات الوصول إلى السوق. بالتالي، هي مفتاح لتكاملٍ أكبر بين البلدان في منظومة التجارة الدولية.
2. تمكّن الوصول إلى الأسواق الدولية وتحافظ على الأسواق المحلية: قد تساعد الإتفاقيات بين الدول أو المناطق بشأن القبول المتبادل للمتطلبات أو طرق تقييم المطابقة أو التفتيش أو نتائج الاختبارات، على تخفيض أو إزالة العوائق الفنية أمام التجارة، ممّا يقوي الأسواق المحلية ويفتح الأسواق الخارجية.
3. تشجع الإبداع والتنافسية: بما أنّ التصنيع وتقديم الخدمة يزدادان قوّة من ناحية الجودة والأمان والتوافق، ممّا يؤدي إلى ارتفاع رغبة العملاء للمنتَج، فإن الموردين المستفيدين من خدمات البنية التحتية للجودة يستطيعون أن يصبحوا أكثر إبداعاً وتنافسية.
4. تحمي المستهلكين: يستفيد المستهلكون من تقييم المطابقة لأنه يوفر لهم أساسا لاختيار المنتجات أو الخدمات، فقد يثقون أكثر في المنتجات أو الخدمات التي تحمل علامة أو شهادة تشهد على الجودة أو الأمان أو خصائص أخرى مرغوبة. كذلك، فإن اللوائح الفنية الملزمة قانونياً مهمّة بشكل خاص في مجالات الصحّة والأمان والحماية البيئية. كما أن إجراءات الصحّة والصحّة النباتية، وهي إجراءات إلزامية، أساسية من أجل السلامة الغذائية وصحّة النبات والحيوان.
5. تساعد المنظّمين ومقدمي الخدمات: تستطيع الهيئات الرقابية المسؤولة عن فرض التشريعات الحكومية الخاصة بالصحّة والأمان والبيئة، ويستطيع مقدمو الخدمات مثل معاهد المترولوجيا الوطنية ومعاهد الاختبار وخدمات المعايرة، الاعتماد على البنية التحتية القائمة. ويمكن بهذه الطريقة تجنب إزدواجية المنشآت والخدمات، لا سيما في البلدان ذات الموارد المحدودة.
6. تدفع التنمية الإقتصادية إلى الأمام: تساعد البنية التحتية للجودة على تشجيع التنمية المستدامة عبر توفير فرص لجعل المنتَج المحلي والخدمات المحلية أكثر قدرة على التنافس في كل من الأسواق الوطنية والدولية. لذلك، تمهّد البنية التحتية للجودة الطريق نحو المزيد من التكامل بين البلدان الشريكة من أجل الوصول إلى نظام تجاري عالمي أكثر عدالة، بالإضافة إلى أنها تُنشئ المؤسسات وتدعم بيئة التمكين على المستوى الوطني.
7. تشجع التكامل الإقليمي: يستطيع حوارٌ يركز في الأساس على القضايا الفنية أن يشجع بناء الثقة وأن يؤدي إلى المشاركة في قدرات البنية التحتية للجودة - مثلًا الخبرة الفنية، والاختبار ومختبرات المعايرة، من ضمن أمور أخرى - ممّا يؤدي إلى خفض التكاليف. من الضروري، كي تتحقق كل هذه الفوائد، أن يتوفّر اعترافٌ دولي بالبنية التحتية الوطنية للجودة. فمن مصلحة كل بلدٍ أن يشارك في المنتديات الدولية ذات الصلة من أجل تسهيل هذا الاعتراف، وتفادي مواصفات قياسية ولوائح واختبارات وإجراءات اعتماد متعددة، والعمل نحو الهدف النهائي وهو "الخضوع للتفتيش مرة واحدة، وإجراء الاختبارات مرة واحدة، وطلب الحصول على شهادة مرة واحدة، ونيل القبول في كل مكان"، وذلك من أجل الوصول إلى قبول عالمي لمواصفات قياسية مشتركة.