تفاصيل المدونة

المسئولية المجتمعية للمؤسسات التعليمية

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أهمية المسئولية المحتمعية للمؤسسات التعليمية والتدريبية وهل هي من واجباتها أو التزاماتها نحو المجتمع الذي تخدمه أم لا. وكي نتفهم أهمية هذا الدور للمؤسسات التعليمية والتدريبية يجب ان نرجع للمواصفة الأيزو 26000 التي أصدرتها هيئة التقييس العالمية في هذا الصدد .
جاء في المواصفة أن المنشآت في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلي الأطراف المعنية، أصبحت على دراية متزايدة بالحاجة إلي سلوك مسئول مجتمعياً والفوائد الناجمة عنه. فهدف المسئولية المجتمعية هو المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.
أصبح أداء المنشاة فيما يتعلق بالمجتمع الذي تعمل فيه وتأثيرها على البيئة جزءاً هاماً وحرجا لقياس أدائها بشكل عام وقدرتها على الاستمرار في العمل بكفاءة . ويعد هذا انعكاسا جزئياً للاعتراف المتزايد بالحاجة إلي ضمان وجود أنظمة بيئية صحية وكذلك العدالة الاجتماعية والحوكمة المؤسسية الجيدة. وقد أوردت المواصفة أن أداء المسئولية المجتمعية لمنشأة ما يمكن أن يؤثر على ما يلي:
- الميزة التنافسية ؛
- سمعتها؛
- قدرتها على جذب والإبقاء على العمال أوالأعضاء أوالزبائن أوالعملاء أوالمستخدمين ؛
- الحفاظ على معنويات الموظفين والتزامهم وإنتاجيتهم؛
- رؤية المستثمرين و الجهات المانحة والرعاة والمجتمع المالي؛
- علاقتها بالشركات والحكومات والإعلام والموردين والنظراء والزبائن والمجتمع الذي تعمل فيه.
تقدم هذه المواصفة الإرشاد بشأن المبادئ الأساسية للمسئولية المجتمعية والموضوعات والقضاياالجوهرية المتعلقة بالمسئولية المجتمعية وبشأن طرق دمج (تكامل) السلوك المسئول مجتمعياً داخل المنشأة. وتؤكد هذه المواصفة أهمية النتائج والتطور في أداء المسئولية المجتمعية.
الغرض من هذه المواصفة هو أن تكون نافعة ومفيدة وقابلة للاستخدام من قبل كافة المنشآت بالقطاع الخاص والعام غير الهادف للربح، سواء تلك الصغيرة أو الكبيرة ، وسواء تلك التي تعمل في الدول النامية أو المتقدمة. وبطبيعة الحال فإن المؤسسات التعليمية والتدريبية ليست ببعيد عنها.
وقد يبدر إلى الذهن سؤال حيوي عن ارتباط هذا كله بحجم المؤسسة وإمكانياتها وقدراتها وخدماتها. ولم ينس منشئوا المواصفة هذه الجزئية فأوردوا فيها أن حيث أنه لن يتم استخدام كافة أجزاء هذه المواصفة بشكل متساو لكل أنواع المنشآت، فإن كافة الموضوعات الجوهرية تعد ذات الصلة بكل منشاة. وتكون المنشاة مسئولة مسئولية فردية عن تحديد ما هو ذو صلة ومحوري لكي تتناوله المنشأة وذلك من خلال اعتباراتها وحوارها مع الاطراف المعنية. أي أن على كل مؤسسة تعليمية أو مركز بحثي أو تدريبي أو حضانة أن تحدد ما هي الموضوعات المحورية والقضايا التي تتصل بعملها وما تقدمه من خدمات تعليمية وتدريبية وعلى أي مستوى وبأية إمكانيات والذي يوجهها بدوره ‘لى ما يمكن أن تدمجه من هذه الموضوعات والقضايا في أنشطتها التعليمية والتدريبية اليومية. والمعنى أنه يتم تشجيع كل منشأة لتصبح مسئولة مجتمعيا بشكل اكبر من خلال استخدام هذه المواصفة.
وقد يتساءل البعض أيضا عن أنشطة المؤسسة التي قد تكون تقوم بها حاليا في هذا الاتجاه فقد أكدت المواصفة أنه إدراكاً أنه قد تتفاوت درجة فهم وتكامل المسئولية المجتمعية بين المنشآت ، فإن هذه المواصفة موجهة لتلك المنشآت التي لا تزال في بدأية تطبيقها للمسئولية المجتمعية وكذلك تلك المنشآت الأكثر خبرة وتمرساً للمسئولية المجتمعية. فالمنشآت المبتدئة في تطبيق المسئولية المجتمعية قد تستفيد من قراءة وتطبيق هذه المواصفة من أولها لآخرها، باعتبارها أول وثيقة تصدر بشأن المسئولية المجتمعية . في حين أن المنشآت ذات الخبرة في هذا المجال قد ترغب في تطبيق هذه المواصفة لتحسين الممارسات الحالية ولدمج المسئولية المجتمعية بشكل اكبر داخل المنشأة.
فما هي إذن المسئولية المجتمعية؟ جاء في المصطلحات بمقدمة المواصفة أنها مسئولية المنشأة تجاه تأثيرات قراراتها وأنشطتها على المجتمع والبيئة، حيث تتضمن الأنشطة المنتجات والخدمات والعمليات، وذلك من خلال سلوك أخلاقي يتسم بالشفافية والذي من شانه:
- يساهم في التنمية المستدامة متضمنة صحة ورخاء المجتمع.
- يأخذ في عين الاعتبارتوقعات الاطراف المعنية.
- يتماشى مع القوانين المطبقة والمعايير الدولية للسلوك.
- يدمج عبر المنشأة ويمارس من خلال علاقاتها.
ويقصد بالعلاقات أنشطة المنشأة ضمن مجال تأثيرها أي مجال أو مدى العلاقات السياسية أو التعاقدية أو الاقتصادية أو أية علاقات اخرى تجعل للمنشأة قدرة التأثير على قرارات أوانشطة الأفراد أوالمنشآت التي تتعامل معها. فالمؤسسة التعليمية أو التدريبية، أو حتى البحثية، لا تملك بطبيعة الحال فرض آرائها أو توجهاتها نحو الالتزام بإرشادات المسئولية المجتمعية على المتعاملين معها من مؤسسات حكومية أو رقابية أوحتى موردين، لكنها تستطيع أن تشيع لدى هذه الجهات فكرة الالتزام الأخلاقي الذي تتبعه هي ذاتها سواء بالتوعية أو بالإعلان عما تلتزم به تشجيعا وتحفيزا لهم على العمل بالمثل من خلال ما أسمته المواصفة بالحوار المجتمعي أي تبادل المعلومات بشكل بسيط بين أو من خلال ممثلي الحكومات وأصحاب العمل و العمال حول الموضوعات ذات الإهتمام العام المرتبط بالاقتصاد والسياسة المجتمعية. أو من خلال القيام بمبادرة مشتركة أو برنامج أو نشاط يتم تخصيصه ليحقق هدفا محددا يتعلق بالمسئولية المجتمعية.
وأخيرا نستطيع أن نقول أن المسئولية المجتمعية ما هي إلا التزام أخلاقي تجاه المجتمع وهو السبب الذي نشأت من أجله المؤسسات التعليمية والتدريبية والبحثية في الأساس.